بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٢
الفصل الثالث [الهوهوية وهو الحمل] من عوارض الوحدة الهوهوية، كما أن من عوارض الكثرة الغيرية.
ثم الهوهوية هي الاتحاد في جهة ما، مع الاختلاف من جهة ما، وهذا هو الحمل، ولازمه صحة الحمل في كل مختلفين بينهما اتحاد ما (1) لكن التعارف خص إطلاق الحمل على موردين من الاتحاد بعد الاختلاف:
أحدهما: أن يتحد الموضوع والمحمول مفهوما وماهية، ويختلفا بنوع من الاعتبار، كالاختلاف بالاجمال والتفصيل في قولنا: " الانسان حيوان ناطق "، فإن الحد عين المحدود مفهوما، وإنما يختلفان بالإجمال والتفصيل، وكالاختلاف بفرض انسلاب الشئ عن نفسه، فتغاير نفسه نفسه، ثم يحمل على نفسه لدفع توهم المغايرة، فيقال: " الانسان انسان "، ويسمى هذا الحمل ب‍ " الحمل الذاتي الأولي " (2).
وثانيهما: أن يختلف أمران مفهوما ويتحدا وجودا، كقولنا: " الانسان ضاحك "

(1) اعلم أن للاتحاد أقسام:
الأول: الاتحاد الحقيقي: وهو صيرورة شئ بعينه شيئا آخر من غير أن يزول عنه شئ أو ينضم إليه شئ. وهذا هو معناه الحقيقي وثبتت استحالته في محله.
الثاني: الاتحاد الانضمامي: وهو صيرورة شئ شيئا بأن يزول عن الصاير شئ ويضاف إليه شئ آخر، كصيرورة الماء هواء.
الثالث: الاتحاد التركيبي: وهو صيرورة شيئين شيئا بالتركيب، كصيرورة التراب والماء طينا.
الرابع: الاتحاد المفهومي: وهو أن يتحد الموضوع والمحمول مفهوما ويختلفا اعتبارا، كالإنسان وحيوان ناطق.
الخامس: الاتحاد الوجودي: وهو أن يختلف أمران مفهوما ويتحدا وجودا، 9 كالإنسان والضاحك.
(2) سمي ذاتيا، لكون المحمول فيه ذاتيا للموضوع، وأوليا، لأنه من الضروريات الأولية التي لا يتوقف التصديق بها على أزيد من تصور الموضوع والمحمول. - منه (رحمه الله) -.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»