مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة مقدمة المصحح ٧
وشرف وقيمة واعتبار بينهم، وكذلك نشأ ابنه - صدر الدين - في أسرة غنية تبدو عليه آثار الرفاه ونضارة العيش الهانئ.
ولد القونوي في محافظة ملاطية في آناطول سنة 606 (1209 - م) وتوفى أبوه على أغلب الاحتمال سنة 615 وهو كان آنذاك صغير السن ناعم البدن رطب الجسد، فظل يتيما وامه ثيبة. ثم تزوجت امه بأستاذه ابن العربي على ما يروى، وكانت مناسبته القوية بأستاذه تؤيد هذه الرواية.
تربى القونوي مستفيدا من نعم أسرة ثرية، تربية عالية علمية وأدبية وعملية، وأغلب الظن انه اخذ تعليمه وتربيته من أستاذه ابن العربي فقط، لأننا لم نقف بعد على أنه استفاد بغيره، ولا نعرف التحاقه بأستاذه ابن العربي، ولكن إقامة الشيخ ابن العربي بملاطية كان في سنة 618.
فكان عمر القونوي يتراوح بين الحادية أو الثانية عشر حينما تتلمذ عليه وذهب بعده معه إلى دمشق، ولم يفارقه إلى أن توفى الأستاذ - رضي الله عنه فجال مع شيخه بين مدن هامة، كدمشق وحلب، واشتغل بالعلوم في هذه البلاد تعلما وتعليما، حتى أنه شكل حلقة تدريسية في دمشق مدة.
توفى ابن العربي سنة 638 (1240 - م) فظل القونوي بعده في دمشق مدة ثم انتقل إلى حلب سنة 640 (1242 - م) ومنها خرج مسافرا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ثم ذهب إلى مصر وظل هناك مدة وبما التقى فيها بمعاصرة الفكري ابن سبعين الذين كان يقول بوحدة الوجود.
وبعد فراغه من أداء الحج وعودته من مصر توطن في بلدة قونية إلى أن توفى، وكان في هذه الفترة مشغولا بتدريس علم الحديث والوعظ والارشاد، كما هو عادة السادات في أواخر أعمارهم. وكان يتردد كثيرا إلى معاصره، المفكر الإسلامي الصوفي - مولانا جلال الدين الرومي - وكانت الرابطة بين هذين الرجلين الكاملين قد بلغت الحد الأقصى من القرب والقوة، حتى كان كل واحد منهما يعتقد في الاخر الصلاح النهائي في ذلك العصر، وهذا الذي جعل مولانا يوصى بان يصلى القونوي على جنازته بعد وفاته من بين جمهور علماء قونية.
(مقدمة المصحح ٧)
الفهرست