محب لبقاء الشر ودوامه ومن أحب الشر فهو شرير وان كان العالم لهما ومنهما، ولأنه انما قام من خير وشر فقد اشتركا فيه جميعا فالنور شرير اذن لأنه أعان على إقامة الشر ودوامه، وإن لم يكن لصاحب النور فيه شئ فالظلمة اذن منفرد بالدنيا دون صاحب النور والخير فله الخيرات والنور والأنفس والأجسام، فان لم يكن الامر كذلك وكانت الأنفس لصاحب النور فاصل الشر ومعدنه منه لان الأجسام للأنفس بمنزلة الآلات في يد الصانع فإذا غار فيها الأجسام ماتت وبطلت أفاعيلها والشر كله من الأنفس ومن صاحبها اذن ولصاحب الظلمة الهدأ والسكون، وان كانت الظلمة اشتاقت إلى النور والخير حتى جاء واختلط بها وتمكن منها فإنها في اشتياقها إلى الخير والنور خير لان الشئ لا يشتاق إلى ضده بل إلى ما يوافقه ويشاكله وهو في طلب الغلبة على ملك قديم مثله يستحق اسم التفضيل والحكمة لأنه حفظ ملكه وحوزته وسار إلى عدوه فغلب على خلقه وشاركه فيه ولا يكون ذلك الا بهمة رفيعة وحكمة وتدبير عجيب وعزة لا ترام فتعالى الله عما يظنون ويقولون والله هو الفرد الأزلي الدائم القهار هو الخير المحض، وأحب الأديان اليه ما كان شبيها بالخير المحض الذي لا شر فيه والذي ينهى عن الشر والمكروه كله ويكون صاحب الدين قد فعل ما امر به ولم يخالف قوله فعله وكانت سيرته شبيهة بسيرة السماويين المقربين (1) الذين لا يظلمون ولا يحسدون ولا يكذبون ولا يفخرون فأتم الأديان من القديم والرحيم ما كان كذلك وأبعدها منه ما خالفه ومن ظفر بالدين الكامل التام وجب عليه ان يتمسك به ونحمد الله عليه فإنه منان حميد.
.