شعورهم إلى الشقرة، والبلدان الحارة أوفق للشيوخ لغلبة البرد عليهم والبلدان الباردة أوفق للشباب، فإذا اعتدل هواء البلاد كان أهلها أصحاب كسل وجبن وضعف القلب لان القوم الذين يختلف هواء بلادهم تعتاد أبدانهم الشدائد وتصبر أبدانهم على الحر والبرد، فان أفرط اختلاف ذلك الهواء صارت أنفس أهلها وحشية لا تستقر، فاما إذا اعتدل الهواء واعتاد القوم الدعة والسكون فإنه يغلب عليهم الذل والجزع والخضوع، فاما من اعتاد خلاف ذلك من الشدائد والكد فان الغالب عليه الصبر والشجاعة، وقال الحكيم ان تغير حالات الهواء هو الذي يغير حالات الناس مرة إلى الغضب ومرة إلى السكون والى الهم والسرور وغير ذلك وإذا استوت حالات الهواء استوت حالات الناس و أخلاقهم، وقال أيضا ان قوى الأنفس تابعة لمزاجات الأبدان " ومزاجات الأبدان " تابعة لتصرف الهواء لان الهواء إذا برد مرة وسخن مرة خرج الزرع مرة نضيجا ومرة غير نضيج ومرة قليلا ومرة كثيرا ومرة حارا ومرة باردا فتتغير لذلك صورهم ومزاجاتهم، وإذا استوى واعتدل الهواء خرج الزرع معتدلا فاعتدل بذلك الصور والمزاجات، " قال " فاما علة تشابه صورة الترك فإنه لما استوى هواء بلدانهم في البرد استوت صورهم وتشابهت، وكذلك اهل مصر لما استوى هواؤهم تشابهت صورهم، ولما صار الغالب على هواء الترك البرد وعجزت الحرارة عن نشف رطوبات أبدانهم كثرت شحومهم ولانت أبدانهم وتشبهوا بالنساء في كثير من أخلاقهم، وضعفت شهوة الجماع فيهم وقل ولدهم لبرد مزاجاتهم والرطوبة الغالبة عليهم ويكون ضعف
(٥١١)