الشهوة أيضا لكثرة ركوبهم الخيل، وكذلك نساؤهم لما سمنت أبدانهم ورطبت ضعفت أرحامهن عن جذب الزرع إليها، فاما حمرة ألوانهم فللبرد كما ذكرنا لان البياض إذا الجت اليه البرودة صار إلى الحمرة وبيان ذلك أن أطراف الأصابع والأنف والشفة إذا أصابها برد شديد احمرت، وذكر الحكيم ان في بعض بلدان الجنوب بلدة كثيرة المطر كثيرة النبت والعشب وان أشجارها ذاهبة في السماء و مياها عذبة ودوابها عظيمة مخصبة لأنها بلاد لم يحرقها حر الشمس ولم يجففها يبس البرد فأجسام أهلها عظيمة وصورهم جميلة وأخلاقهم كريمة فهم في صورهم وقاماتهم واعتدال طبائعهم يشتبهون باعتدال زمان الربيع غير أنهم أصحاب دعة لا يحتملون الشدائد والكد، الباب الثامن في الرياح والأزمنة وما فيها من الدلائل على الصحة والسقم، قال الحكيم أبقراط ان الروح المطبوعة فينا هي التي تجذب الهواء الينا، وان الرياح تقلب الحيوان من حال إلى حال وتصرفه من برد إلى حر ومن يبس إلى رطوبة ومن سرور إلى حزن، وانها تغير ما في البيوت من قرن أو عصب أو فضة أو شراب أو عسل أو سمن فتسخنها مرة وتبردها مرة وتصلبها مرة وتيبسها مرة أخرى، وعلة ذلك أن الشمس والكواكب تغير الهواء بحركاتها وإذا تغير الهواء تغير لتغيره كل شئ، فمن تقدم وعرف أحوال الأزمنة وتغيرها والدلائل التي فيها عرف السبب الأعظم من أسباب العلل
(٥١٢)