يكون لهم ذكاء ورفق في الصناعات وتكون أنفسهم واهنة ذليلة وذلك لان أبدانهم ترطب وتسترخي يفعل ذلك بهم استرخاؤهم، وإذا كانت الأرض جردا منهبطة تغرقها الأمطار والسيول في الشتاء وتعطش في الصيف فان أبدان أهلها تكون جاسية دقيقة لطيفة ولهم فطن و لطافة وعجب بأنفسهم وآرائهم ونجدة في الحرب و شجاعة ويشتد عصبهم وإذا كانت الأرض جبلية مرتفعة كثيرة المياه واختلفت الازمان اختلفت صور أهلها وصبروا على الشدائد وكان فيهم أخلاق السباع وتكون أبدانها أقوى من أبدان اهل البلدان الغائرة لأنهم يشربون مياها باردة صافية ويستنشقون هواء صافيا عاليا ويتقلبون في بلاد مرتفعة شامخة بهيئة وتكون أشجارهم أيضا غلاظا صلابا وإذا كانت البلاد غائرة منهبطة ذات شجر ملتف ورياح حارة ومياه فاترة كان أجساد أهلها عظيمة وألوان أهلها إلى " السمرة " (1)، وشعورهم سود وأنفسهم فاترة، ولا يصبرون على شدة الكد، وانما تسود شعورهم لغلبة الحرارة عليم كما تحمر ألوان الترك لغلبة البرد عليهم، وإذا كانت البلاد مهزولة دقيقة الأرض جردة قليلة المياه وهواؤها غير معتدل كان " صدور " (2) أهلها جافية ممتدة، وألوان بعضهم إلى الشقرة وبعضهم إلى السواد ويكون لهم نزق و غضب شديد لا يستشيرون أحدا، وذلك لان الأرض إذا تتابع عليها تغير الأزمنة اختلفت لذلك صور أهلها وأخلاقهم وتكون أولئك الذين ذكرنا مع شدة غضبهم أصحاب كتمان السر، قال فمن الناس من يشبه في دقته وطوله جبلا
(٥٠٩)