فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٠٧
فلا تسخن لذلك المياه فاما في الشتاء فإنه يطول لبثها تحت الأرض فتسخن لذلك بطون الأرض، فاما أبقراط الحكيم فإنه قال إن علة ذلك كثرة ما تجرى إليها من الأمطار والانداء في الشتاء فتحتبس لذلك الحرارة في بطون الأرض فاما الصيف فان مجارى الأرض تتسع فيه و تتفرج وتنشف الشمس رطوبتها وتنفذ إلى بطونها الرياح الباردة هربا من الحر فتبرد لذلك بطونها ومياهها، الباب الخامس في البحار وعلة دوام جري الأنهار، من قول أرسطوطيلس، قال أرسطو طيلس ان ينبوع جميع المياه و ابتداءها من بحر طرطاروس العميق البعيد الغور ومنه تنقسم سائر البحار، ورجوع المياه كلها إلى وسط الأرض، فالشمس تحلل اجزاء البحار اللطيفة وتصيرها بخارا ثم، يصد إلى السماء ثم يعود ذلك البخار مطرا، وتدخل مياه الأمطار في الأرض من مجارى تحت الأرض فتعصر اطباق الأرض إياها و " تضغطها " (1) حتى تظهر في الينابيع والعيون ثم تجتمع العيون إلى الأنهار فيدوم لذلك جريها وتكثر المدود في الشتاء لكثرة الأمطار وتكثر العيون في الجبال لان الجبال شبيهة بالإسفنجة الكثيفة الكثيفة فهي تجذب وتنشف المياه إليها شيئا بعد شئ ثم تنبع منها، وعامة جري الأنهار من جهة الشمال لان الشمال ارفع من جهة الجنوب وقالوا أيضا ان في بطون الأنهار مجاري وخروقا تجري فيها المياه فإذا تدافعت المياه وركبت اجزاؤها بعضها على

(1) " تضبطها "
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»