فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٢٢
(المقالة الثانية خمسة أبواب) الأول منها في الرد على من أبطل الطب ان قوما من كتبة زماننا هذا دعاهم العجب بأنفسهم والجهل بأقدارهم إلى أن أبطلوا الطب وزعموا انه ليس في الأشياء منافع للأبدان والناس ولا مضار، ومن قال ذلك لم يستحق جوابا ولا عقابا وكان بمنزلة الوطواط والبوم اللذان يعميان عن نور الشمس ولا يحسانه فان ما قالت الحكماء في لطب ان هذه الأجسام مركبة من الطبائع وانها تنقلب بين الحر والبرد واللين واليبس فإذا هاجت طبيعة منها كان تسكينها بما يضادها من النبات والعقاقير وان في ذلك منافع ومضار للناس فإذا سخن البدن نفعه ما يبرده و إذا برد نفعه ما يسخنه وإذا يبس نفعه التلين وإذا لان جدا نفعه اليبس وإذا امتلأ نفعه الخلاء وإذا تعب نفعه الدعة، فمن عقل ذلك وقبله فقد أثبت الطب ومن جهله كان كمن جهل نفسه، ومما لا يجحده الا معتوه أو معاند ان من حيل بينه وبين نسيم الهواء ساعة تلفت نفسه وان حيل بينه وبين المطعم والمشرب أياما هلك، ومن زعم أن الشئ الذي لا يبقي الانسان الا به غير نافع له احتاج إلى المكاوي والسعوط فليستف من فلفل وحنظل وخردل ويشرب من العسل والخل ليعرف ان من الأشياء حلوا ومنها حامضا ومنها حريفا ومنها مرا وان لكل مذاقة منها قوة وفعلا خاصا دون فعل غيره ويحتاج أيضا إلى أن يعض على الحجر ويلعق الزبد ليتبين له ان من الأشياء ما هو لين ومنها ما هو يابس بل يحتاج إلى أن يقام في الشمس ويطلي بدنه بالنفط والزيبق ويطعم أرطالا من
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»