النحاس ينفع من رطوبات البدن والمعدة ويجففها " و المياه المرة كلها تسهيل البطن "، وقد رأيت بطبرستان ماء حلوا يسهل البطن إذا شرب منه أقداح، ومن المياه ما هو بمنزلة الخل الحامض "، وقد رأيت بطربستان أيضا حوضين كبيرين يجرى إليهما من جبل فوقهما ماء كبريتي يغلي غليانه واحدهما ينفع من الرياح التي تشبك الأعضاء و الاخر من الحكة والجرب، ورأيت أيضا بها مياها حارة تنبع في مثل الابار فان دلوا فيها جديا أو دجاجا خرج مسموطا، الباب الرابع في علة ملوحة المياه وبردها، ان علة ملوحة البحر هي دوام طلوع الشمس عليه، وانما ترفع الاجزاء اللطيفة وتبقى الاجزاء الغليظة وتملح مثل البول والعرق لأنهما يملحان لانضاج الحرارة الغريزية إياهما فان أفرط عليهما الحرارة اخذت فيهما المرارة مثل الرماد والعسل إذا احترق، قال الفيلسوف ومن الدلائل على أن الماء العذب أخف من المالح انك لو اخذت شمعا فاتخذت منه آنية مجوفة ليس لها فم و وضعتها في البحر يوما وليلة وجدت في جوفها ماء عذبا لان العذب ينفذ إلى جوفها لخفته ولطافته ولا ينفذ المالح لغلظه وكذلك الرائحة المنتنة لا تنفذ إلى الانف إذا وضع الانسان كمه على انفه وينفذ إليها نسيم الهواء، فاما علة برد مياه العيون في الصيف فان بعضهم ذكر ان ذلك لان الشمس يقل لبثها في الصيف تحت الأرض
(٥٠٦)