فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٣٧٠
الباب التاسع في علل النبت والشجر والثمر من كتاب أبقراط وغيره، قال أبقراط في كتاب الجنين ان الحبة إذا وقعت في الأرض اخذت ما يشاكل جوهرها من الأرض والماء فإذا ابتلت الحبة و انتفخت انشق ما يلي الأرض منها وأرسلت فيها عروقا تقوم لها مقام الفم للحيوان وجذبت بتلك العروق المادة والغذاء إلى جسمها فتطلع حينئذ رأسها ثم ترفعها حرارة الشمس إلى فوق فتجذب ما فيها من الرطوبة فإذا كثرت الرطوبة انتفخ العود وأظهر الورق و تفرع، ولا تثمر الشجرة ما دامت ضعيفة رقيقة الرطوبة، فإذا قويت رطوبتها بانضاج الشمس إياها أثمرت حينئذ كالمولود الذي لا يحتلم الا بعد استحكام زرعه واتساع مجاري عروقه، وقال غيره ان الثمرة تكون من الطف غذاء الشجرة وأفضله، ثم تربي الشجرة ثمرتها بما تجذب إليها من رطوبة الأرض، وانما تنضج الثمرة و تحلو بالشمس والقمر، وكل ثمرة لا تطلع عليها الشمس والقمر تكون حامضة أو مرة ولهذه العلة لا يكون التمر والسكر في البلدان التي تكثر ثلوجها وبردها، والثمرة إذا كانت الغالبة عليها الأرضية انعقدت في صلابة مثل المقل، وكون ذلك شبيه بكون العظم في الحيوان، وما كانت أرضيته ألين ومائيته أكثر مما في المقل كان اجتماعها وانعقادها في لين مثل التفاح والسفرجل والخوخ، وإذا زادت مائية الثمرة على أرضيتها لانت فكانت مثل العنب والرمان، و
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»