فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٣٦٧
فإنهما يعفنان ويتدودان لما فيهما من الرطوبة، فاما الهضم فهو التمام الذي يكون " بالحرارة " (1) لان الغذاء إذا نضج وانهضم فقد تم وبلغ منتهاه، والأجسام اليابسة التي قلت رطوبتها فإنها لا تنهضم ولا تنضج كالحجارة والأجسام السخيفة جدا لا تنضج لأنها لا تقوى على أن تحبس الرطوبات التي فيها والرطوبات التي تأتيها من خارج لسخافة اجزائها كالحطب، الباب السابع في علل ما يجف ويثخن وينشق وينكسر، قال الفيلسوف انه انما تجف الأشياء اما لحرارة من خارج تجف رطوبتها مثل ما يجف الثوب بحرارة الشمس والرياح واما لبرد يصيب ظاهره فتحتبس حرارة ذلك الشئ في داخله وباطنه فتحمل تلك الحرارة على ما فيه من الرطوبة فتيبسه فييبس لذلك الجسم وربما احترق الشئ من البرد وذلك أن البرد إذا غلب حبس الحرارة وحصرها في باطن الجسم فيحترق بتلك الحرارة المحتبسة فيه، واما ما يثخن من الأشياء ولا يجمد فمثل الزيت و الشراب والخل وماء الجبن والبول فإنها تغلظ وتثخن بالحر و البرد جميعا، اما البرد فلانه يغلظ ما في الزيت وغيره من الهوائية، واما الحر يغلظ ما فيه من المائية، وعلة طغو الزيت فوق الماء كثرة الهوائية التي فيه، واما العسل فإنه يغلظ وينعقد بالنار و يصير بخارا كالماء لأرضية فيه أغلظ من أرضية الماء، وكل جسم أرضى واسع المجاري فإنه ينحل بالماء ولا يذوب مثل النطرون و الثلج، واما الذهب والفضة وأمثالهما فإنها تذوب ولا تحترق لقلة الرطوبة فيها، وكل جسم يجمده البرد وتغلب عليه المائية فإنه بلين ولا يذوب مثل القرون، وقد أخبرني غير واحد من اهل

(1) " به الحرارة "
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»