ان الورقة إذا انتهى ما فيها من الرطوبة التي بها تكون اتساع الورقة غلب حينئذ على أطرافها اليبس فتنشق، فاما علة انتشار الورق في الشتاء فان الشجرة تجذب الغذاء والماء إلى أغصانها بالحرارة والقوة التي جعلها الله فيها فإذا جاء البرد هربت تلك الحرارة من الأغصان إلى العروق وتبقى الأغصان خالية من الحرارة والرطوبة فيتناثر ورقها لانقطاع الغذاء عنها لان البرد يجففها، فإذا جاء الصيف و بردت بطون الأرض هربت الحرارة من بطون الأرض ومن العروق إلى أغصان الشجرة وجذبت الرطوبة إليها لان من شان الحرارة ان تجذب الرطوبة إلى نفسها فيكون من تلك الرطوبة الورق والثمر، ويجذب كل ثمرة ما شاكل من حارة أو مرارة أو طيب ريح أو نتن إلى نفسه اما ترى أنه يزرع زراع في ذراع من الأرض الثوم والبصل والزعفران والمرزنجوش ويكون شربه وسقيه من ماء واحد فيجذب كل شئ من ذلك من جوهر الأرض والماء ما يشاكله ثم يحوله إلى جنسه فيصير مثله في لونه ورائحته وطعمه كما يجذب كل عضو من أعضاء البدن ما يشاكله من جواهر الأغذية، يجذب كل عضو من أعضاء البدن ما يشاكله من جواهر الأغذية، وكما ان في كل عضو من أعضاء البدن قوة روحانية تغير ما تأتيه من الغذاء إلى جوهر ذلك العضو فكذلك في كل شجرة ونبت قوة روحانية تدبره وتغير غذائه إلى ما يشاكل جوهره، وفيما قلنا بيان شاهد عدل ان في كل شجرة قوة جاذبة كما في الحيوان وقوة ماسكة تمسك فيها غذائها وقوة هاضمة تغير المائية التي تأتيها حتى تستحيل إلى جوهرة الشجر وورقه وثمره وقوة دافعة تدفع فضول الغذاء إلى الأصماغ التي لها بمنزلة العرق الذي يرشح
(٣٧٢)