بقي ما غلظ منها مالحا، وكذلك الطعام والشراب في البدن إذا ما أفنت الحرارة الغريزية ما رق وصفي منهما بقيت أثقال الأغذية في البدن مالحة أو مرة، فاما الملوحة فحارة أرضية وهي دون المرارة في الحر لان الحرارة لا تعمل في الملوحة عملها في المرارة، وخاصة الملوحة " في البدن انها " (1) تذيب الرطوبة وتحفظ الاعتدال وتمنع من النتن والعفن، وكل شئ معتدل فإنه لذيذ حافظ للبدن، وكل شئ مفرط فإنه مؤلم مفسد للبدن، فاما العفوصة فعلتها البرد واليبس، وعامة الثمار صلبة عفصة مثل العنب والرمان وغيرهما، فإذا ترطبت قليلا حدثت فيه حموضة فإذا استحكمت فيه الرطوبة ومازجتها حرارة الشمس وتمكنت منه اعتدلت وطابت، فإذا كانت البرودة في الشئ أقل مما في القبوضة وأكثر مما في الحموضة صار حامضا، وقالوا ان الحموضة تحدث في الشئ إذا ضعفت الحرارة " عن نضجه " مثل الطعام فإنه إذا ضعفت الحرارة عن نضجه حمض على المعدة وان أفرط الضعف ولم يقدر على الهضم رأسا لم يحمض لكنه خرج كما هو وكذلك اللبن أو الشراب إذا اصابه حر يسير حمض وان اصابه البرد لم يحمض، وقال أفلاطون ان الكيموسات الأولى اثنتان إحداهما مر والأخرى عفص، و يكون العفص لافراط القبوضة في الشئ ويكون المر من افراط النطرونية والمالح من نقصان النطرونية فإذا كثرت القبوضة في شئ صار عفصا وان كثرت فيه النطرونية صار " مرا " وان قلت فيه النطرونية صار مالحا، فكل مر حار وكل حلو حار وعلى قدر نقصان الحلاوة وزيادتها يكون قدر الحرارة، وكل عفص ارضي، فإذا سخن العفص صار حامضا فإذا زادت حرارة الثمرة ورطوبتها لانت وصارت حلوة مثل الشاهبلوط، وان كانت الرطوبة التي تمازج الشئ مائية رقيقة صار مرا وان كانت الرطوبة أقوى من
(٣٥٩)