فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٣٦٩
الحجر والجسم الآخر مثل الذهب والفضة والنحاس والأسرب والحديد والرصاص، فكل ذلك بخارات تجمعها برودة الأرض فيتكون منها ويتلون الجوهر على قدر جواهر تلك البخارات و الرطوبات وألوانها ولذلك صارت كلها تذوب بالنار، فاما الذهب فإنه جوهر أرطب وألين من الفضة وله اجزاء شديدة الاندماج والتداخل بعضها في بعض وفيه حرارة فاضلة شريفة هي علة اصفراره وامتناعه من البلى والفساد، واما الفضة فإنها أبرد منه وعلة بياضها البرودة، والنحاس أيبس منها ولذلك صار احمر والرصاص أرطب من الذهب ولذلك صار ألين، والأسرب شديد البرودة و الزيبق أرطب منها كلها وأكثر هوائية ولذلك صار أسرع تفرقا وانحلالا فاما الحديد فأكثر أرضية منها كلها ولذلك يذوب سريعا، والغالب على الرصاص والنحاس وما أشبههما قوى المفعولتين و لذلك تفسد أمثالهما بالنار وبالأرض، فاما الذهب والفضة فالغالب عليهما قوى الفاعلتين ولذلك صار الذهب أبقاها كلها، وكذلك كل جسم كان الأغلب عليه قوى احدى الفاعلتين كان أقوى وأبقى و يكون تركيبه معتدلا فإنه يبقى زمانا طويلا، فاما الكبريت والزرنيخ والزفت فان النارية والهوائية غالبة عليها جدا فهي تلتهب بالنار التهابا سريعا، فاما الشب وزاج الأساكفة وما أشبههما فان المائية والأرضية غالبة عليها فهي قابضة كلها لما فيها من البرد واليبس، و كما أن التراب يجتمع لرطوبة الماء ثم يطبخ بالنار فتفني النار ما فيه من الرطوبة فيصير منه الاجر والخزف فكذلك اجزاء الأرض اليابسة إذا جمدت ويبست صارت حجرا،
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»