تترك فيه منفذا البتة فان ذلك لا يتحلل بحر ولا برد ولا يحترق ولا يذوب لان منافذه ومجاريه قد انسدت، وذلك مثل الاجر و القراميد، فاما ما يحترق من الأجسام فهي التي لها مجاري رطبة تشتعل فيها النار ويحرقها، والذي لا يحترق فاما أن لا يكون لها مجارى فيها رطوبة رأسا مثل الحجر والحديد واما ان يكون في مجاريه رطوبة مفرطة غالبة لقوة النار كالحطب المفرط الرطوبة، فاما علة ما يطفو من الأجسام فوق الماء فالهوائية التي فيه كالحطب والقصب فإنهما يطفوان ويحترقان ولا يذوبان، فاما ما غلظت أرضيته وتجمعت اجزاؤه مثل الحجر فإنه يرسب ولا يطفو، فان كانت الرطوبة التي في الجسم هوائية رقيقة جدا أحرقته النار و تركته رميما مثل القصب والتين وإذا كانت رطوبته غليظة صيرته النار جمرا مثل الحطب، وكل شئ كانت في بعض مجاريه رطوبة دسمة متصلة وفي بعضها رطوبة غير متصلة فإنه يذوب ويحترق جميعا مثل الكندر والعود، فاما العفونة فإنها تحدث في الشياء إذا فارقتها الحرارة التي كانت تدبرها وتجذب إليها الرطوبة الموافقة لها فتفرق حينئذ رطوبته التي كانت فيه ويجف لذلك ويبلى، وقد يكون ابتداء العفن أيضا من برد عارض في الجسم فتحتبس فيه الحرارة وتعفن لذلك الرطوبة، ولذلك يكون العفن في الصيف أكثر ولا يعفن شئ الا ما كان حارا رطبا، فاما ما كان حارا يابسا أو باردا يابسا فإنه لا يعفن وكذلك البارد الرطب أيضا لان البرد يمنعه من أن يعفن، فاما المرة الصفرا والسودا فإنهما تعفنان بيبسهما لان جسمهما جسم سبال رطب، والشئ اليابس اما ان يكون يابسا في مزاجه وجسمه جميعا مثل الحجر والحديد واما ان يكون يابسا في قوته لكنه سيال في جسمه مثل العسل والمرة الصفرا والسودا والماء المالح، واما ان يكون يابسا في جسمه وهو في مزاجه وقوته رطب مثل الزنجبيل والدار فلفل
(٣٦٦)