فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٣٦٣
وماؤها " أحر " (1) وأقوى منها إذا كثر عليها المياه والأنداد، فاما علة النتن فمن فساد الحرارة وذلك بين في الحيوان والثمار فإنها ما دامت تدبرها الحرارة الغريزة وتحركها فإنها طيبة الريح فان فارقتها الحرارة الغريزية ودخلتها حرارة ورطوبة غريبة فإنها تتغير وتنتن ولهذه العلة تنتن المياه الراكدة، واما الرائحة الدفرة والنحاسية وغيرها فإنها تحدث على قدر زيادة الرطوبة العفنة و نقصانها، الباب الخامس في علل الألوان، " اعلم أن " أوائل الألوان ورؤوسها البياض والسواد ومنهما تتركب سائر الألوان، وقال قوم ان علة البياض ان يكون اليبس في الشئ أكثر من رطوبته وعلة السواد ان تكون الرطوبة في الشئ أكثر من يبسه وعلة الحمرة الحرارة واليبس، وقال آخرون ان الحرارة إذا تركبت مع الرطوبة أو مع اليبس حدث من بينهما ثلاثة ألوان كالنار التي إذا اشتعلت في الحطب احمر الحطب لان فيه رطوبة تجتمع فيها النارية، وان زادت رطوبة الحطب على حرارة النار حتى تغلبها الرطوبة اسودت الحمرة، وكذلك ان أطفيت الجمرة بالماء صارت فحمة وحممة، وإذا أفنت النار رطوبة الحطب كلها تفرقت اجزاء الحطب فصار رمادا لغلبة اليبس عليه لان من شان اليبس المفرط التفريق ومن شان الرطوبة المعتدلة الجمع، فالحمرة تحدث من بين البياض والسواد وعلتها حرارة زائدة على الرطوبة فإذا كانت الحمرة فانية مالت إلى السواد وكلما رقت الحمرة وصفت مالت إلى البياض، فاما الخضرة فتتاون من بين السواد والصفرة، فهذه الألوان الثلثة التي تكون من امتزاج الحرارة مع

(1) " واجد "
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»