الأعضاء السفلي في البطن حجابا، فان ارتفعت إلى ذلك الحجاب مادة حادة تغير منها العقل، فان أمررت يدك على الإبط حدثت حرارة لذيذة ودغدغة وضحك، وقد ذكر أرسطوطيلس ان رجلا اصابته طعنة في ذلك الموضع فضحك لوصول حرارة الضربة إلى ذلك الحجاب ثم مات، وقد أخبرني من رأى ذلك في حروب كانت بطبرستان فأصابت رجلا كنت اعرفه ضربة فضحك منها ومات مكانه، الباب الحادي عشر في الأحلام والاحتلام والكابوس قالت الحكماء ان النفس الناطقة تذهب في اليقظة بلطافتها إلى الأشياء العلوية والسفلية وتفكر فيها، وكذلك فعلها في المنام، فربما أوحت في المنام إلى البدن شيئا كالوحي فيرى الرجل ذلك الشئ بعينه في اليقظة، وربما رأى خلافه كمن يقول إنه إذا رأى أنه أصاب الدرهم دله ذلك على المنازعة والشر، وان رأى أنه مصروع دل على أنه يصرع من صرعة، وان رأى فرحا دل على الحزن وان رأى أنه يبكي دل على الفرح، وقال قوم ان الأحلام تكون من المزاجات الأربعة فإذا تحرك الدم في البدن وارتفعت قوته إلى الدماغ رأى صاحبه الأشياء الحسنة المفرحة للقلب، وان ارتفعت اليه قوة الصفرا رأى النيران والبروق وما أشبهها، وان بردت (1) فيه قوة السودا رأى الظلمات والتهاويل، وان بردت (1) فيه قوة البلغم رأى الأنهار والأمطار وما أشبهها، وكثيرا ما يرى العاشق كأنه مع المعشوق فيحتلم، وربما كان الاحتلام من الطبيعة لاخراج فضول الزرع، وربما كثر الاحتلام لضعف القوة الماسكة أو لاسترخاء مواضع الزرع أو لرقته ومائيته فيسيل من الذكر في النوم واليقظة،
(٩٣)