المقالة الرابعة وهي خمسة أبواب الباب الأول منها في تربية الأطفال وحفظ الصحة، قد بينت فيما تقدم من كتابي هذا ما قالت الحكماء في كون الجنين والقوى التي تدبره والدلائل الواضحة على طبعه وظاهره وباطنه، وابدأ الآن بذكر تربية الأطفال لتنتظم المعاني بعضها ببعض ولا تتفاوت، قال جالينوس ان أوفق الألبان للمولود لبن أمه إذا كانت صحيحة والا فلبن ظئر تامة القامة معتدلة السمن سليمة البدن مذكرة ملذذة الخلق من بنات خمس وعشرين سنة إلى ثلثين سنة، وان ترضع بعد ولادها بشهر أو شهرين، ويكون طعامها معتدلا خفيفا مثل صغار الحيوان والطير، وان تأكل في اليوم مرارا مثل الكشك والحنطة المطبوخة ولا ترضع حتى ينهضم طعامها، وتجتنب كل شئ حلو وعفص أو حريف أو ملطف مثل الثوم والبصل والخردل والتوابل والحلتيت والكرفس خاصة، فإنه يورث الصبي الصرع والقروح الردية لأنها تذيب فضول بدن المرضعة وتخرجها في اللبن، وينبغي لها ان تكد وتعمل وان أكثر الصبي البكاء أمصته لحم الدجاج أو لحم الخنزير، فان ذلك يطيب بنفسه لان " كثرة البكاء يدل على وجع، فلتعرف موضع الوجع بالأركان، وترقصه " (1) وتتوقى عليه من شدة " الرباط " (2) والحر والبرد، ومن صوت شديد ومنظر هائل، ولا ترضعه كثيرا فان الامتلاء يورث الكسل، والكسل يمنع الحرارة من التربية والامتداد، وان عرض له بثر احتالت لاخراجه كله والا أورثه مرضا، فإذا ظهر
(٩٧)