فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٨٩
انتشارا مفرطا برد القلب ومات الانسان، فاما الحزن والخوف فخلاف ذلك لان علتهما البرد واليبس، وحد الخوف انه انقباض الحرارة الغريزية إلى داخل البدن هربا من المكروه، ولذلك يخضر وجه من يخاف خوفا شديدا مرة ويبيض أخرى ويبرد البدن ويصغر النبض، فان دام الخوف وتراجعت الحرارة إلى القلب تراجعا مفرطا اختنقت الحرارة في القلب ومات الانسان فاما في حال الخجل فان - الحرارة ترجع مرة استحياء ممن يخجل منه ويظهر مرة، فان طال ذلك صار الخجل وجلا وخوفا، وكل مكروه ينزل بالإنسان ممن هو دونه يسمى ما يعتريه منه غضبا، وإذا نزل به المكروه ممن هو فوقه يسمى ما يعتريه منه خوفا لأنه يعجز دفعه ويأسف على ما حل منه، الباب السابع في الشهوة والفكرة والغضب قال أفلاطون ان في كل أحد شهوة وفكرة وغضب، فليس أحد الا وهو يطلب ما يشتهيه ثم يفكر فيه ويدفع المكروه عن نفسه ويغضب منه، وضرب الحكماء لذلك مثلا فقالوا ان رجلا نظر إلى امرأة جميلة فاشتهاها، ثم قمع شهوته بالفكرة في شين ذلك ووزره، فكادت شهوته تغلب فكرته حتى غضب على نفسه فوبخها وكسرها، وقالوا ان الشهوة إذا أفرطت كان صاحبها ماجنا عازما وان نقصت الشهوة كان ميت الشهوة، قالوا وان اعتدلت الشهوة كان صاحبها عفيفا، وان أفرطت الفكرة كان صاحبها خبا خاتلا، وان نقصت كان مغفلا، وان اعتدلت كان شهما حيولا، وان أفرط الغضب كان صاحبه أهوج مقداما، وان نقص كان جبانا هيوبا، وان اعتدل
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»