فاما النوم فان علته البرد والرطوبات التي تصعد إلى الدماغ من بخارات الأطعمة فتسترخي لذلك الأعصاب والجفون، ويجئ النوم، وعلة السهر يبس الدماغ، ولذلك يعالج من كثرة السهر بالسعوط الرطب وبصب المياه الرطبة على الرأس، ويعالج من كثرة " نومه " (1) بما يعدل الدماغ ويحلل الرطوبات عنه، والسكر أيضا انما هو من بخارات غليظة ترتفع إلى الدماغ فتستره كما تستر السحابة نور الشمس، فتسترخي لذلك الأعصاب والأعضاء كلها ويضعف الحواس ويغشى النعاس فاما الضحك فإنه غليان الدم الغريزي إذا ما رأى أو سمع الانسان شيئا يلهيه فيستفزه ويهزه فإذا لم يستعمل في ذلك الفكرة غلب عليه الضحك، والضحك من خاصة الانسان لا يشركه فيه غيره، و الخاصة الصحيحة هي التي تدور على نفسها مثل الحد، فيقال كل انسان ضحاك وكل ضحاك انسان، فاما البكاء فان الانسان إذا حزن " من امر ما " انعصر الدماغ لرد الحزن حتى تسيل رطوبته من العين، واما الراحة فسكون الأعضاء وجمام الحواس والتعب خلاف ذلك، الباب السادس في الفرح والحزن والخجل والوجل ان حد الفرح انه غليان الدم وانتشاره إلى ظاهر البدن لملاقات الشئ الذي فرحت النفس به، ولذلك يسخن البدن عند الفرح وتدور العروق ويظهر الدم على الوجه ويقوى نبض العروق، فان اشتد الفرح وانتشرت الحرارة الغريزية عن القلب " في البدن "
(٨٨)