الباب التاسع في الخفة والثقل والحفظ والنسيان، ان الدماغ إذا كان معتدلا في مزاجه انطبع فيه ذكر الأشياء كما ينطبع نقش الخاتم في الطينة المعتدلة، فان أفرطت رطوبة الطينة أو يبسها لم ينطبع فيه النقش، وكذلك الدماغ إذا كان مفرط الرطوبة واليبس لم يحفظ، واما الذكاء والخفة فمن جنس النارية والهوائية والثقل والبلادة من جنس الأرضية والمائية، وذلك بين في خفة بنات الهواء وثقل بنات الأرض والماء مثل الخطاطيف والهزار - دستان، فإنه لما خفت أبدانهما " بالحرارة التي فيهما " وقلت رطوبتهما صفت منها الأصوات وخفت الحركة، واما البط والسلحفاة والغد فان على خلاف ذلك من الثقل والعجمة وبحوحة الصوت، الباب العاشر في العطاس والتمطي والدغدغة والاختلاج والخدر قد بينا آنفا ان من شان الطبيعة رفع الفضول عن الأعضاء، فإذا اجتمعت في الرأس فضول وبخارات نفضها الدماغ بالعطاس، وان اجتمعت في بعض الأعضاء وتحرك العضو لدفعه سميت تلك الحركة الاختلاج وان تفرقت في الجسد فضول ردية تحركت العضلات لدفعها واخراجها بالتمطي والتثاؤب، فاما القشعريرة فإنها تكون من فضلة تلذع الجلدة. وعلى قدر الفضلة ولذعها يكون قدر القشعريرة، ولذلك صارت في التثاوب والتمطي والقشعريرة دلالة على الامتلاء والأدواء، وان سالت فضول فاسدة إلى منافذ الرية دفعتها القوة الدافعة بالسعال وان جرت إلى المعدة ولصقت بها هاج منها التهوع، فاما الدغدغة فان بين الأعضاء الشريفة العليا وبين
(٩٢)