فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٩١
العشق فإنه افراط الحب، وربما كان علة ذلك شدة حاجة الطبيعة إلى اخراج الفضل عن البدن، وربما كان ذلك من اشتياق النفس إلى القرب من منظر مؤنق وصورة فائقة، فان من شان النفس الولوع والعجب بكل شئ حسن من جوهر أو نبت أو دابة، فإذا اتفق مثل ذلك الحسن في شئ هو من جنس الانسان ومما في غريزته الحب له اهتاجت الشهوة حينئذ وحرصت النفس على مواصلته وقربه، فاما الزهو والحدة فإنهما من جنس النارية والهوائية لان من شأنهما خفة الحركة والاستعلاء، واما الحلم والتواضع فإنهما من جنس المائية والأرضية لان من شأنهما البلادة والاسترخاء، والدليل على ذلك أن من غلظ بدنه وغلب عليه البلغم والسوداء كان ساكنا صامتا ومن غلب عليه الصفرا كان نزقا وقل احتماله، فاما علة الجود فسعة القلب وطلب المعالي وذلك من جنس الحرارة، واما البخل فمن ضيق القلب ومن ضعف الهمة ومخافة الفقر، وذلك من جنس الجبن، والجبن من جنس البرد، وعلة الشجاعة قوة الحرارة وشدة الغضب وطلب الغلبة للاقران وذلك من جنس النارية، و ذلك لحركة الحرارة الغريزية إلى خارج، والجبن من غلبة احدى الفاعلتين ومن غلبة المائية أيضا، ويكون من هرب الحرارة إلى داخل، ولذلك يضعف النبض ويبيض اللون مرة ويخضر أخرى، فاما عند الغضب فإنه يقوى به النبض ويحمر اللون، " وقال الحكيم ان الحيوان إذا كبر وغلظ دمه كان مقداما جريا مثل الخنزير و الثور فإنه ربما وجد في قلوب هاتين الدابتين ودمائهما شئ أمثال الخيوط، وربما وجد في قلوب الثيران دم متحجر مثل العظم صلابة "،
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»