فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٨١
إلى الدماغ من القلب، فالقلب الذي هو أصل هذه الحركات و ينبوعها كلها كان أولى بما قال لو كان الامر كما ذكر (من الالتهاب) لان حركات الدماغ تسكن في الليل، فاما حركة القلب فدائمة لا تفتر، " (1) الباب التاسع في أن الألوان والطعوم والأرائح اعراض وليست بأجسام كما قال قوم، قد بينا آنفا ان الأشياء كلها اما جوهر واما عرض، وان الاعراض لأقوام لها الا بالجسم الذي هي فيه، ولا تخلوا الألوان والأرائح وأشباهها من أن تكون أجساما كما قال " هؤلاء " (2) أو اعراضا في الأجسام كما قال الفلاسفة، فان كانت أجساما وليست باعراض فقد يجب ان يحيط بها وبالأجسام حد واحد فانا إذا قلنا إن كل جسم له طول وعرض وعمق، ثم عكسنا ذلك وقلنا كل ذي طول وعرض وعمق جسم وجدنا ذلك محيطا بالأجسام كلها، وان حددنا الاعراض بحد الأجسام لم يصح لأنا إذا قلنا إن كل رائحة أو مذاقة أو لون ذو طول وعرض وعمق، وكل ذي طول وعرض أو عمق رائحة أو لون أو مذاقة وجدنا ذلك باطلا، فليس يقال للرائحة طويلة (ولا عريضة) ولا عميقة، وليس كل شئ له طول وعرض وعمق هو لون أو رائحة أو مذاقة، وانما هذه معاني لطيفة روحانية تعرض في الأجسام (فلا تكون الا فيها ومعها) فقد بان بما قلنا فساد قولهم، وان قلنا أيضا ان من الجسم ما هو موزون أو مذروع ومنه مكيل لم نكذب، وان قلنا إن من المذاقة أو الرائحة ما هو موزون أو مكيل أو مذروع كان ذلك كذبا، لان المذاقات

(1) " وقد وجد الناقل تلاوة القول رواية اختصرها خيفة من التطويل إذ كان لا فائدة لها " (2) (اهل عصرنا)
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»