الباب السادس في الوهم " وبقية " الحواس ان الحواس التي بها تدرك الأشياء المحسوسة خمس، أولها و ألطفها البصر ثم من بعده السمع ثم الشم ثم الذوق ثم اللمس، قال الفيلسوف " ان الحس يكون من اعتدال الطبائع وكل شئ غلبت عليه الأرضية فلا حس له مثل الشحم والعظم والشعر " " وان للنفس الناطقة عشرة حواس، خمس منها باطنة وخمس ظاهرة، اما الباطنة فأولها الحس المشترك، وهي قوة مرتبة في التجويف الأول من الدماغ تقبل جميع الصور المنطبعة في الحواس الظاهرة ومتأدية إليها وهي غير البصر لأنا نشاهد القطرة النازلة خطا مستقيما والنقطة الدائرة بسرعة خطا مستديرا فليس ارتسامها اذن (في) البصر (لأنه) ألا يرتسم فيها الا المقابل وهو القطرة النازلة فاذن ارتسامها انما يكون في قوة أخرى غير البصر، والحس المشترك انما يمكنه اخذ الصورة عن المادة مع جميع اللواحق المادية ووقوع نسبة بينه وبين المادة، وإذا بطل تلك النسبة بطل ذلك الاخذ، ولا يمكنه ان يتشبث تلك الصورة ان بطلت المادة، وثانيها الخيال، وهي قوة تحفظ صور المحسوسات وتمثلها بعد الغيبوبة لكن لا يمكنها ان يجردها عن اللواحق المادية من الكم والكيف والأين والوضع المخصصة إذ يميز بعض الصور الخيالية عن البعض بحيث لا يمكن ايقاعها على جميع الاشخاص، وثالثها الوهم وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات كالقوة الحاكمة في الشاة بان الذئب مهروب منه، والوهم قد تعدي عن الخيال في التجريد لأنه يأخذ الأمور التي ليست بمادية، إذ يأخذ الخير والشر والعداوة والصداقة والموافق والمخالف
(٧٦)