يكون به حس اللمس مشتبك على الجسد كله ولان فضول الأغذية التي تجرى إلى الجلد قوى متضادة مختلفة من حرارة وبرودة و لين وخشونة ويبس ورطوبة، فكل قوة من هذه إذا لقيت نظيرتها من قوى الأجسام حست بها، فان فسدت أو بطلت حاسة من هذه عدم الانسان جميع ما كان يدركه بتلك الحاسة، " ووجدت في بعض الكتب الموضوعة في العين أشياء لم أفهمها غير اني استحسنت تأليف الكتاب وتقسيمه، فمما لم افهم منه قوله ان النور نار، وقد بينت آنفا ما في ذلك، وقال أيضا ان محسوس العين النار ونحن نرى (ان) العين تحس بالجبال والبحار والأشجار، وليس شئ من ذلك نارا، فإن كان أراد بذلك انه يبصر الأشياء بالنور فإنه قد يدرك بالنور الأجسام التي هي " عين " (1) النور وقد بينا انفا ان النور غير النار، وقال أيضا (ان) محسوس اللمس الأرض وفسر ذلك وقال أعني به اللين والصلابة والحر والبرد والرطوبة واليبس، وليس الحرارة والرطوبة من الأرضية في شئ، فإن كان أراد بقوله انه انما يلمس الأجسام فان الحر والبرد التي يحس بهما هما غير تلك الأجسام، مثل الحجر والحديد إذا حميا بالنار أو الشمس فلا تقول ان تلك الحرارة هي الحجر والحديد، وقال صاحب ذلك الكتاب ان علة برودة الدماغ ورطوبته ان الحس والحركة منه فلو كان حارا لالتهب وجف بما (يدير) اليه من تحريك البدن والحواس، وقد علمنا ان القلب حار وان الحركة الدائمة هي فيه، " فان ذلك أكثر وأشد من حركة الدماغ " (2) فكيف لا يلتهب القلب ويبطل ان كان فعله مثل حركته أو حركة الدماغ تلتهب منه الحرارة المحرقة، وقد قال في ذلك أن علة الحس والحركة أيضا هي " من " حرارة تصعد
(٨٠)