وان نقصت من الحد فقلت انه حي ناطق ولم تقل ميتا أدخلت في حد الناس جميع من هو ناطق من الروحانيين، وانما تستخرج حدود الأشياء كلها من أجناسها وفصولها كقولك في حد الناس انه حي والحياة جنس الانسان ثم تفصله من غيره ومن جميع ما لا ينطق ولا يموت فتقول وهو مع الحياة ناطق وميت، فافهم ذلك وقس عليه فان من قوة الصناعة وجنسها إصابة المعنى ومعرفة حقائق الأشياء وجواهرها، الباب السابع في حاسة العين قال الفيلسوف ان الحاسة هي التي تستحيل وتقبل صورة المحسوس، فإذا حضر المحسوس كان الحاس مثل محسوسه بالفعل، وإذا غاب المحسوس كان الحاس مثله بالقوة، كالبصر الذي في قوته ان يبصر الألوان والاشكال، فإذا حضرته الألوان أحس بها بالفعل وانما تقبل الحواس صور الأشياء دون أجسامها، فاما الشجر و الأرض فإنهما يقبلان صورة المحسوس وجسمه معا، وذلك أن الشجر والأرض ينشفان جسم الماء ورطوبته معا، قالوا ان الأشياء واشكالها تنطبع أولا في ضوء الهواء وتمتد وتتصور فيه ثم يؤديها بالضوء إلى قوة البصر، ولان العين لها جلاء واصقال وفيها ألوان مختلفة مثل البياض والسواد الذين هما طرفا الألوان كلها فهي تقبل لذلك تلك الصور والألوان كما تقبل الشمعة نقش الخاتم فإذا قبل البصر الألوان انعطف وانثنى إلى النفس وادى إليها ما لقيت و باشرت من الأشياء كما ينثني النور من المرآة والماء الصافي فيقع على الجدار، ثم يتناثر في الوهم، ما يؤدي البصر من ذلك إلى النفس ثم
(٧٨)