يميزه العقل ويعرف علله وحقائقه، وذكر ان الهواء اسود، وانما يضئ بالشمس فإذا غابت الشمس عاد إلى لونه الطبيعي.
الباب الثامن في " سائر الحواس " (1) " اعلم " ان اللمس والذوق حاستان تعم منفعتهما البدن كله، فبالذوق يتناول الحيوان الغذاء وبالغذاء يكون النماء فاما اللمس فإنه يحس بأكثر المنافع والمضار من الحر والبرد واللين والخشونة وما أشبه، ذلك فاما الاذن فخلقتها غضروفية متهيئة لقبول الأصوات، لان الجسم اليابس إذا قرعه جسم يابس تصادما واصطكا وانسل الهواء من بينهما فيحدث من ذلك الطنين، وعلة ترجيع الطنين ملوسة الجسم، وعلة دوام الطنين سعة ذلك الجسم، فاما الرائحة فإنها بخار ونسيم من الأجسام يفوح في الهواء، فإذا وصل ذلك النسيم إلى الانف حس به الدماغ، واما الذوق فإنما هو طعوم الأجسام، فهذه أربع حواس بعدد العناصر الأربعة، " فأرفعها " (2) وألطفها " حاسة " البصر وبعده السمع ثم الشم " ثم الذوق " (3) ثم اللمس، فالبصر من جوهر النار، والسمع من جوهر الهواء، وانما يحس السمع بالهواء و بالأصوات التي هي قرع ودوي في الهواء، وبعد السمع الشم، وهو من جوهر الماء لأنه انما يحس بالبخار والأرائح، وانما البخار شئ يتحلل من الاجزاء المائية والهوائية التي في الأجسام، وبعد الشم الذوق وهو من جوهر الأرض لأنه انما يحس " بطعوم أرضية " (4) مثل الحبوب والثمار واللحمان وما أشبهها، فاما اللمس فهو عام للبدن كله وليس لعضو واحد دون غيره، وعلته ان العصب الذي