فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٨٤
الرطوبة، وذلك لان الأمعاء انما تنعصر وتنضم بالبرودة، وانما تزلق الأثفال وتحدرها بالرطوبة فان غلب عليها حرارة أو يبس ضعفت عن احدار أثقال تلك الأغذية وانسد مجريها، فهذه القوى الأربع أعني الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة هي موجودات في أعضاء البدن كلها وبها تكون التربية والبقاء، ولابد لكل عضو من غذاء يقيمه، فهو يجذب الغذاء إلى نفسه بالقوة الجاذبة ويمسكه بالماسكة ويهضمه بالهاضمة، ويدفع ما لا يحتاج اليه منه بالدافعة، فان ضعفت القوة الجاذبة في المعدة فترت وضعفت شهوة الطعام، وان ضعفت الهاضمة كان ما يجري من الغذاء إلى البدن فاسدا غير نضيج ولا محكم، وان ضعفت الدافعة لم تخرج الفضول في وقتها، ومما يعد أيضا من الطبيعة الأكل والشرب والنوم واليقظة والراحة والتعب، فاما ما يسمى بنات الطبيعة فأسنان الناس وأزمان السنة واختلاف البلدان، فاما ما ليس من الطبيعة فالعلل والاعراض وما أشبهها، المقالة (الثالثة) اثنا عشر بابا الباب الأول منها في علامات مزاجات الأبدان، قال جالينوس ان الأبدان ركبت على مزاج القلب والكبد، فأقواهما في مزاجه هو الغالب عليه، فمما يدل على اعتدال مزاج البدن بياض اللون " بحمرة " (1) وان لا يكون سمينا ولا مهزولا، و لا تكون الجلدة حارة ولا باردة، وشعر بدنه لا قليلا ولا كثيرا جدا فقس سائر الأبدان على هذا، ومما يدل على حرارة المزاج و يبسه نحافة البدن وسواد الشعر وحرارة الجلد وصفرة اللون،

(1) " في حمرة "
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»