فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٧٧
وهذه المعاني ليست بمادية والا لما عقلت الا عارضة لجسم لكن يعرض لها ان تكون في مادة، والوهم يأخذها عن المادة فاذن هو أشد استقصاء في التجريد من القسمين الأولين، لكن مع ذلك لا يمكنه ان يجرد عن عوارض المادة لأنه يأخذها بالقياس إليها و يشاركه في ذلك من الصور الخيالية مثل عداوة وصداقة، ذاك، قال إن " الوهم حركة تكون بالفكرة وابتداء الوهم بالحس، و من لا وهم له فلا حس له أيضا ولذلك صار الذين يولدون عميانا وصما لا يتوهمون الألوان ولا الألحان، والفرق بين الوهم والحس ان الحس يفعل فعله في اليقظة فقط والوهم يفعل فعله في النوم واليقظة جميعا، وأيضا ان الحس موجود في كل حي، والحس الصحيح لا يكاد يخطأ في محسوسه، والوهم ربما أخطأ فيظن ان الشئ النافع ضار والضار نافع، والحس لا يدرك ما غاب عنه و الوهم يدرك ما غاب عنه، والوهم يقوم في سائر الحيوان مقام العقل في الانسان، فحركة الناس للفعل تكون بالفكرة وحركة البهائم بالوهم تكون لطلب المرعى والمزاوجة، ولا يكون شئ ذا عقل حتى يكون له وهم ولا يكون له وهم حتى يكون له حس ولان النبات لا حس له فلا وهم له أيضا، ولما لم يكن له وهم لم يتحرك من مكان إلى مكان، وحد الحس من جهة التعليم انه قوة تدرك الأشياء بواسطة الهواء، وحده من جهة الطباع انه قوة قابلة للألم المحسوس، (1) فاما حد الحد من الجهة التعليم فإنه قول موجود يدل على معرفة حقائق الأشياء، وحده من قبل الطباع انه القول الذي ان زدت فيه نقصت من المحدود وان نقصت منه زدت في المحدود، فلو زدت في حد الناس فقلت انه حي ناطق ميت كاتب كنت أخرجت من حد الانسانية أكثرهم لأنك انما حددت منهم من كان كاتبا فقط،

(1) ارجع إلى الضميمة
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»