الدائمة التي من القلب " ولهذا صار يستدل بالنبض على مزاج القلب وما هو فيه أعني من الضعف والقوة والحركة والسكون "، والقوة النفسانية في الدماغ، وهي أيضا حارة يابسة تنتشر في البدن كله بالعصب، وبهذه القوة يكون " الحس " والحركة الإرادية، والقوة الطبيعية في الكبد وهي حارة رطبة وتنتشر في البدن بالأوردة، و للقوة النفسانية ثلث قوى، ناطقة وحاسة ومتحركة، وكل ذلك في الدماغ، وينقسم القوة الناطقة بثلاثة أقسام أولها فنطاسيا، وهو ما يتخيل للانسان أعني به الخواطر، ويكون ذلك في مقدم الدماغ، والثاني " الفكرة " وتكون في أوسط الدماغ، والثالث الحفظ وهو في مؤخر الدماغ، فهذه كلها من القوى النفسانية، فاما القوى الطبيعية فلها أيضا ثلث قوى، قوة مولدة، وقوة غاذية، وقوة مربية، فالقوة المولدة انما تدبر الانسان إلى أن يولد فقط، والقوة الغاذية تدبره و تزيد في جسمه وتغذوه إلى آخر عمره، والقوة المربية تدبره وتزيد في جسمه إلى خمس وثلثين سنة أو إلى أربعين ثم تقف على حالة " واحدة وتقصر عن فعلها " لأنه يكون قد بلغ أشده ومنتهاه، ويأخذ بعد ذلك في النقص والانحطاط، وربما تركيب البدن قوي فلا يعمل فيه البلى والنقصان الا بعد أربعين سنة باعراض، ولهذه القوة الطبيعية التي انا في ذكرها أربع قوى أولها القوة الجاذبة التي تجذب الغذاء إلى المعدة بالحرارة واليبوسة وذلك كالنار والسراج الذي يجذب اليه الرطوبة والدهن بالحر واليبس، ثم القوة الماسكة التي تمسك الغذاء في المعدة بالبرودة واليبس، ثم القوة الهاضمة التي تهضم الغذاء وتنضجه بالحرارة والرطوبة لان الهضم ضرب من العفن ولا يعفن شئ الا بالحرارة والرطوبة، فاما الحرارة واليبس والبرودة فلا يكون منها العفونة، ولا البخارات كما ذكرنا، آنفا، والرابعة القوة الدافعة التي تدفع الفضول عن البدن بالبرودة و
(٨٣)