فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٦٩
والنفس الثانية النفس الجساسة وبها يكون فرق ما بين الحيوان و البنات، لان النبات لا يحس والنفس الثالثة النفس التي (تحرك البدن) (1) حركة مكانية مثل أنفس الحيوانات كلها، والنفس الرابعة النفس الفكرية والعقلية التي بها يميز الانسان بين الأشياء وبها يعيش، وهذه النفس هي للانسان خاصة دون غيره من الحيوان فالانسان يحي بالنفس النباتية ويحس بالنفس الحساسة ويتقلب بالنفس المتحركة ويتفكر في الأشياء ويختارها ويدرك العلوم الإلهية بالنفس المميزة العقلية، (لان بها ينظر النظر التام فيستنبط معرفة الخالق بدلالات أفاعيلية في المخلوق لان كل صامت وناطق دال على وحدانية الصانع) واما سائر الأنفس التي سماها فإنما معنى قوله فيها اجمع انها تمام الجسم وانها قوى تدبر كل قوة منها جسم الانسان كله كما قد بينا فوق، الباب الخامس في العقل والهيولي والعشرة الأسماء الجامعة للكلام، قال الفيلسوف أعني أرسطوطيلس ان العقل جوهر مبسوط لا يشبه شيئا من الأشياء التي من جوهر الهيولى المركبة، ولو كان العقل مثل الأشياء الهيولانية لما عرف الأشياء معرفة صحيحة، و لقد أصاب من قال إن النفس مكان للصور والعقلية لان النفس إذا أرادت ان تعرف الصور العقلية انبسط العقل ورجع إلى ذاته فعرف تلك الصور من قبل ذاته وجوهره، وإذا أرادت النفس معرفة الأشياء المحسوسة مثل الألوان والأجسام انحط العقل إلى الحواس فاستفاد منها معرفة ذلك الشئ المحسوس، وانما يأخذ العقل علم الأشياء المحسوسة من الحواس والوهم لان الأشياء تتأثر أولا في الوهم فيأخذ العقل تلك الآثار فيميزها ويعرف حقها من باطلها، ولولا

(1) " تتحرك "
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»