خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٤٠٣
فلذلك صح إطلاق كل منهما على الآخر.
وفي تخصيصه التولد بالظن نظر لأن الخوف كما يتولد عن الظن يتولد عن العلم أيضا.
وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: فمن خاف من موص فمن توقع وعلم. وهذا في كلامهم شائع يقال: أخاف أن ترسل السماء يريدون التوقع والظن الغالب الجاري مجرى العلم.
وقال الدماميني في الحاشية الهندية عند قول ابن هشام في المغني: الخوف في هذا البيت يقين: قد يقال لا يلزم من تعقل العقلاء أنه لا يذوقها بعد الموت حمل الخوف على اليقين عند هذا الشاعر لأن استهتاره بشربها ومغالاته في محبتها أمر مشهور فلعل ذلك حمله على أنه خاف ولم يقطع بما تيقنه غيره ولذلك أمر بدفنه إلى جنب الكرمة رجاء أنه ينال منها بعد الموت.
ومن ثم قيل إن هذا أحمق بيت قالته العرب. انتهى.
قال ابن الملا أحمد الحلبي في شرحه بعد نقل هذا الكلام: وهذا مبني كما قال شيخنا على أنه) كان إذ ذاك مترددا بين ذوقها بعد الموت بتقدير دفنه إلى جنب الكرمة أو: لا بتقدير دفنه في الفلاة. فلا علم ولا ظن. قال: وهذا احتمال لأن التعليل بقوله: فإنني أخاف..... إن كان لمجموع الأمر والنهي على معنى: فإنني أخاف أن لا أذوقها غدا فلا علم ولا ظن فهي الناصبة أهملت.
ففي شرح الكافية للحديثي أن الخفيفة بعد فعل الخوف والرجاء ناصبة لأنه يحتمل أن يقع وأن لا يقع وبعد الظن تحتملها والمخففة نظرا إلى الرجحان وعدمه أو على معنى فإنني أخاف الآن بتقدير: أن لا تدفني إلى جنبها بل في الفلاة: أن لا أذوقها إذا ما مت أو: فإنني أخاف إذا ما مت بهذا التقدير: أن لا
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»