فوالله ما خرم منها بيتا حتى أتى على آخرها فقلت: من يقول هذه القصيدة قال: أنا أقولها. قلت: لولا ما تقول لأخبرتك أن أعشى قيس بن ثعلبة أنشدنيها عام أول بنجران.
قال: إنك صادق. أنا الذي ألقيتها على لسانه. وأنا مسحل صاحبه ما ضاع شعر شاعر وضعه عند ميمون بن قيس.
وروى صاحب الأغاني عن الأعشى قال: حدث الأعشى عن نفسه قال: خرجت أريد قيس بن معديكرب بحضرموت فضللت في أوائل أرض اليمن لأني لم أكن سلكت ذلك الطريق قبل) فأصابني مطر فرميت ببصري أطلب مكانا ألجأ إليه فوقعت عيني على خباء من شعر فقصدت نحوه وإذا أنا بشيخ على باب الخباء فسلمت عليه فرد علي السلام وأدخل ناقتي خباء آخر كان بجانب البيت فحططت رحلي وجلست.
فقال: من أنت وأين تقصد قلت: أنا الأعشى أقصد قيس بن معديكرب. فقال: حياك الله أظنك امتدحته بشعر قلت: نعم. قال: فأنشدنيه. فابتدأت مطلع القصيدة: الكامل * رحلت سمية غدوة أجمالها * غضبا عليك فما تقول بدا لها * فلما أنشدته هذا المطلع منها قال: حسبك أهذه القصيدة لك قلت: نعم. قال: من سمية التي تنسب بها قلت: لا أعرفها وإنما هو اسم ألقي في روعي. فنادى: يا سمية أخرجي.
وإذا جارية حماسية قد خرجت فوقفت وقالت: ما تريد يا أبت قال: أنشدي عمك قصيدتي التي مدحت بها قيس بن معديكرب ونسب بك في أولها.