كتابا. وقد يجوز أن يكون منصوبا على جهة الأمر ويكون عليكم مفسرا له فيكون المعنى: الزموا كتاب الله عليكم. ولا يجوز أن سكون منصوبا ب عليكم لأن قولك: عليك زيدا ليس له ناصب في اللفظ متصرف فيجوز تقديم منصوبه. وقول الشاعر: يا أيها المائح دلوي دونكا) يجوز أن يكون دلوي في موضع نصب بإضمار: خذ دلوي ولا يجوز أن يكون على: دونك دلوي لما شرحنا. ويجوز أن يكون دلوي في موضع رفع المعنى: هذه دلوي دونك. انتهى.
وقد أورد هذه المسألة ابن الأنباري في مسائل الخلاف فقال: ذهب الكوفيون إلى أن عليك وعندك ودونك يجوز تقديم معمولاتها كما في الآية والبيت ولأنها قامت مقام الفعل فتعمل كعمله. ومنعه البصريون والفراء وقالوا: إن كتاب الله منصوب بكتب مقدرا وإن دلوي خبر مبتدأ مقدر أو منصوب بفعل محذوف كخذ يفسره دونك لا بدونك. وأجابوا عن الثاني بأن الفعل متصرف في نفسه فتصرف في عمله وهذه الألفاظ لا تستحق عملا وإنما أعملت لقيامها مقام الفعل وهي غير متصرفة في نفسها فلا تتصرف في عملها فلا يقدم معمولها. انتهى.
وقوله: إن الفراء تبع البصريين مخالف لنص كلامه فإنه صرح بجواز عمله مؤخرا ومحذوفا.
وردهما الزجاج وجعل دلوي منصوبا بفعل محذوف يفسرهدونك. فدونك على هذا اسم فعل قد حذف مفعوله أي: دونكه. ويكون في جعله دلوي خبر مبتدأ محذوف دونك ظرفا في موضع الحال لا اسم فعل. وهذان الوجهان غير ما وجه به الشارح المحقق وإنما حكاه عن البصريين لأنه تخريج موافق لقواعدهم. وقد وجه به أيضا ابن هشام في: شرح القطر وفي المغني.