الصواب المزال عن طريق الصحة. فمن كذب وأخطأ في قول يفهم عنه فقد أحال. انتهى. قال ابن الأنباري: ومما يدل على أن كذب بمعنى أخطأ وهو مصحح لقول سيبويه ومبطل لمذهب مخالفيه: أن عروة بن الزبير ذكر عند عمر بن عبد العزيز ما كانت عائشة رضي الله عنها تخص به عبد الله بن الزبير من البر والأثرة والمحبة فقال له عمر: كذبت وبالحضرة عبيد الله بن عبد الله فقال: إني ما كذبت وإن أكذب الكاذبين لمن كذب الصادقين. قال أبو بكر: فلا يحمل هذا من قول عمر بن عبد العزيز إلا على أنه أراد أخطأت إذ المعنى الآخر يلزم عمر كذبا فيأثم. وجواب عروة وقع على غير المعنى الذي قصد له عمر لأنه) حين غضب حمل كذب على معنى قلت غير الحق. ومثله قول معاوية للناس: كيف ابن زياد فيكم قالوا: ظريف على أنه يلحن. قال: فذاك أظرف له. أراد القوم بقولهم يلحن: يخطئ وذهب معاوية إلى أنهم أرادوا يلحن بمعنى يفطن ويصيب من قول العرب: فلان ألحن بحجته من فلان. وقد حكي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكي له عن صحابي رواية رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كذب يعني أخطأ. لا محتمل لهذا غير التأويل إذ هم معادن التقوى والورع وأرباب الصدق والفضل وصفهم الله بالصدق بقوله: وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون. ويقال: كذبت الرجل إذا كذبته فيما هو فيه كاذب. وكذبته إذا نسبته إلى الكذب فيما هو صادق. قال الله تعالى: فإنهم لا يكذبونك أراد لا يصححون عليك الكذب وإن نسبوك إليه. قال أبو بكر: وقد أجبت عنها بجواب آخر فإنهم لا يكذبونك بقولهم عندما ينسبونك إلى الكذب بألسنتهم لأنه عليه الصلاة والسلام كان عندهم علما في الصدق قبل النبوة وبعدها ولذلك كانوا يدعونه: الأمين.
(١٨٧)