جونتا المصطلين) فيصير كقولك الهندان حسنتا الثوبين. فلم يستعمله على الإتمام والأصل ولا على الاختصار والحذف ولكن جعله كقولك: هذه امرأة حسنة وجهها فثنى الجونة وهما وصفا الجارتين وأضافه مثنى إلى المصطلى وهو هما في المعنى إلا أنه وضع الواحد موضع الجمع فيمن قال: حسان الوجوه وموضع التثنية فيمن قال: صفا رحليهما وهو المصطلى ألا ترى أن لكل واحدة من الجارتين مصطلى.
وإن وجهته على أن المصطلى يكون جميع ذلك وأحد لم يضع واحدا موضع جمع ثم أضاف مصطلى إلى ضمير الجارتين كما أضاف الوجه في قوله هذه امرأة حسنة وجهها إلأى ضمير المرأة بعد إضافة حسن الذي هو الوجه في المعنى إلى الوجه. فعلى هذا وضع سيبويه هذا البيت.
وقد يحتمل غير ما تأوله وهو ما ذكره بعضهم: من أن الشاعر إنما رد الضمير المثنى في قوله مصطلاهما إلى الأعالي لأنه في الحقيقة اثنان.
وهذا مثل قوله: الطويل * رأت جبلا فوق الجبال إذا التقت * رؤوس كبيريهن ينتطحان * ولست أعرف من قائل هذا القول إلا أنه ليس بممتنع. ويخرج الكلام به من أن يكون على قولك: هند حسنة وجهها لأن الضمير المثنى على هذا في قوله مصطلاهما ليس يرجع إلى الجارتين إنما يرجع إلى الأعالي لأن الأعالي وإن كان مجموعا في اللفظ فهو اثنان في المعنى فحمله على ذلك فكأنه قال جونتا مصطلاهما الأعالي.
وإذا كان كذلك لم يكن على حسنة وجهها لأن الجونة لم تضف إلى اسم يتصل به ضمير يعود من الاسم الذي بعد الصفة في قولك هند حسنة وجهها ضمير يعود إلى هند لكون الضمير العائد إلى الجارتين محذوفا كما أن الضمير من هند حسنة الوجه ودعد حسنة وجه الأب محذوف فلذلك أنث جونة من قوله جونتا مصطلاهما كما أنث حسنة في قولك هند حسنة الوجه لأنه لم يعد فيه إلى هند ضمير.