ولهذا تقول العرب: رماه بثالثة الأثافي أي: بالصخرة أو الجبل انتهى.
وعلى هذا الأخير اقتصر ابن السيرافي في شرح أبيات سيبويه وتبعه الجماعة قال: الصفا هو الجبل في هذا الموضع وجارتاه: صخرتان تجعلان تحت القدر وهما الأثفيتان اللتان تقربان من الجبل فيقوم الجبل مقام صخرة ثالثة تكون تحت القدر ومقتضى المعنى أن في كل من الربعين جارتا صفا لا أن في مجموع الربعين جارتا صفا.
وقوله: كميتا الأعالي.. الخ هو صفة جارتا صفا وهو تركيب إضافي مثله وهو مثنى كميت بالتصغير من الكمتة وهي الحمرة الشديدة المائلة إلأى السواد. وأراد بالأعالي أعالي الجارتين قال الأعلم: يعني أن الأعالي من الأثفيتين لم تسود لبعدها عن مباشرة النار فهي على لون الجبل.
وكذلك قال السيد المرتضى: شبه أعلاهما بلون الكميت وهو لون الحجر نفسه لأن النار لم تصل إليه فتسوده.
وقال ابن السيرافي وتبعه من بعده: يريد أن أعالي الأثافي ظهر فيها لون الكمتة من ارتفاع النار إليها. وقوله: جونتا مصطلاهما نعت ثان لقوله: جارتا صفا وهو تركيب إضافي أيضا وليس بمراد هنا.
ومن الغريب قول النحاس: إن الجون هنا هو الأبيض. و المصطلى: اسم مكان الصلاء أي: الاحتراق بالنار فيكون المصطلى موضع إحراق النار.) يريد أن أسافل الأثافي قد اسودت من إيقاد النار بينها. والضمير المثنى في مصطلاهما عند سيبويه لقوله جارتا صفا وعند المبرد للأعالي كما يأتي بيانهما. وزعم بعض فضلاء العجم في شواهد المفصل أن الكمتة هنا السواد. وهذا غير صواب.