خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٦
حسنت وجوههما وملحت خدودهما فكذلك يجب أن يكون مصطلاهما إذا أعيد الضمير إلى الأعالي أن يكون قد اصطلت الأعالي وإذا اصطلت الأعالي فقد اسودت وهو بخير أنهما لم يسودا لأنهما لم يصل الدخان إليهما.
والدليل على ذلك أنه وصف الأعالي بالكمته ولم يصفها بالسواد كما وصف الجارتين فلا يشبه هذا قولك الهندان حسنتا الوجه مليحتا خدودهما لأن كل واحد من هذين الضميرين قدج ارتفع بفعله وكذلك يجب أن يرفع ضمير الأعالي بفعله فيكون على هذا الأعالي قد اصطلت بالنار وهذا خلاف ما أراد الشاعر لأنه ذكر أنه لم يصطل منها غير الجارتين وأن الأعالي لم يصل إليها الدخان. فهذا خلاف ما نظره النحويون وقاسوه. فلا بد من الذهاب في معنى البيت إلى ما ذهب إليه سيبويه من أن الضمير في مصطلاهما يعود على الجارتين. انتهى.
وقد رد ما ذهب إليه المبرد ابن جني أيضا بوجه غير هذا قال في باب الحمل على المعنى من) الخصائص: اعلم أن العرب إذا حملت على المعنى لم تكد تراجع اللفظ كقولك شكرت من أحسنوا إلي على فعله.
ولو قلت شكرت من أحسن إلي على فعلهم جاز ولهذا ضعف عندنا أن يكون هما من مصطلاهما في قوله: كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما عائدا على الأعالي في المعنى إذا كانا فاعلين اثنين لأنه موضع قد ترك فيه لفظ التثنية حملا على المعنى لأنه جعل كل جهة منهما أعلى كقولهم: شابت مفارقة وهذا بعير ذو عثانين ونحو ذلك. أو لأن الأعليين شيئان من شيئين فإذا كان قد انصرف عن اللفظ إلى غيره ضعفت معاودته إياه لأنه انتكاث وتراجع فجرى ذلك مجرى إدغام الملحق وتوكيد ما حذف. على أنه قد جاء منه شيء قال: الطويل رؤوس كبيريهن ينتطحان وأما قوله: البسيط
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»