خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٩
وقياس هذا إذا رفع الاسم بالصفة ولم تصف الصفة إلى ما هو فاعلها في المعنى كحسن وجه حسن الوجه أن يقال جارتا صفا جون مصطلاهما أعاليهما أو أعلييهما فمصطلاهما في موضع رفع مثل قولك هاتان امرأتان حسن غلام أبويهما. وعيب هذا القول الذي قاله هذا القائل هو أن التثنية حملت على أنها جمع وذلك بعيد لأنا وجدناهم يجعلون الاثنين على لفظ) الجمع في نحو قوله عز وجل: إذ تسوروا المحراب و قد صغت قلوبكما وبابه ولم نرهم يجعلون لفظ التثنية للجمع.
إلا أنه لا يمتنع ذلك في هذا الموضع لأن المجموع الذي هو قولنا: الأعالي هنا اثنان في الحقيقة فحمله على المعنى أو استعمل اللغتين في نحو هذا جميعا فحمل الأول على قوله: فقد صنعت قلوبكما والثاني على صفا رحليهما. وليس ذلك بحسن لأن الراجع أن يكون على لفظ المرجوع إليه أحسن إلا أن ذلك لا يمتنع.
ففي هذا التأويل تخليص للشعر من عيب وإدخاله في عيب آخر. انتهى كلام أبي علي.
ومثله لابن السراج في الأصول قال: وقد حكى سيبويه أن بعضهم يقول زيد حسن وجهه شبهوه بحسن الوجه واحتج بقوله جونتا مصطلاهما فجعل المصطلى هاهنا في موضع خفض والهاء والميم راجعة إلى الاثنين وهما جارتا صفا. وكان حقه أن يقول جونتا المصطلين.
وقال غيره: ليس المعنى على هذا والهاء والميم ترجع إلى الأعالي وإن كانت جمعا لأن معناهما معنى اثنين وإنما جمعت لأنها من اثنين كما قال: الرجز ظهراهما مثل ظهور الترسين.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»