فوائد الصلاة على محمد وآله، ومعطياتها لهم وللمصلي عليهم أختلف علماء المسلمين في أن الصلاة على محمد وآله هل تنفعهم شيئا بأن تكون باعثة لمزيد كمالاتهم ومرتبتهم وأجرهم أم لا؟ بل هي سبب لحصول الأجر والثواب لنا فقط.
فذهب بعضهم إلى إنهم (ع) قد بلغوا في مرتبة الكمال والفضل مرتبة لا يمكن الزيادة عليها ولا الترقي فيها، لأنهم (ع) قد جمعوا الكمالات النفسانية وجميع الفضائل الربانية حتى لم يبق كمال إلا وقد حازوه، ولا فضل إلا وقد جمعوه فصلواتنا عليهم لا تزيدهم شيئا، وإنما هي باعثة لمزيد أجرنا وثوابنا هذا قول بعضهم وممن يرى هذا الرأي ابن أبي الحديد المعتزلي حيث يقول عند شرحه لقول علي أمير المؤمنين (: إذا كانت لك عند الله سبحانه حاجة فأبدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله ثم سل حاجتك فأن الله أكرم من يسأل حاجتين فيقضي أحدهما ويمنع الأخرى. يقول ابن أبي الحديد بما نصه ج 4 ص 402: هذا الكلام على حسب الظاهر الذي يتعارفه الناس بينهم، وهو عليه السلام يسلك هذا المسلك كثيرا ويخاطب الناس على قدر عقولهم، وأما باطن الأمر فإن الله تعالى لا يصلي على النبي صلى الله عليه وآله لأجل دعائنا إياه أن يصلي عليه، لأن معنى قولنا: اللهم صل على محمد أي أكرمه وأرفع درجته، والله سبحانه وتعالى قد قضى له بالإكرام التام ورفعة الدرجة من دون دعائنا، وإنما تعبدنا نحن بأن نصلي عليه لأن لنا ثوابا في ذلك لا لأن إكرام الله تعالى له أمر يستعقبه ويستتبعه دعاؤنا، وأيضا فأي غضاضة على الكريم إذا سئل حاجتين فقضى أحدهما دون الأخرى إن كان عليه في ذلك غضاضة فعليه في رد الحاجة الواحدة غضاضة أيضا.
أقول: ونحن نرى إن الواقع الصحيح يخالف هذا الرأي والله العالم.