ولربما أوجز خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم دعوته في بعض جوانبها بقوله الشريف: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وفي نص مماثل: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق.
وإذا كان النظام الأخلاقي ذا بعدين، فقد عني الاسلام برعايتهما معا وبالدرجة نفسها دون ترجيح لأحدهما على الآخر، فكما عني بصلاح الفرد ووضع له نظامه الذي يصونه، فقد عني بصلاح المجتمع ووضع له النظم والضوابط التي تحفظه وتصونه، ومن تلك النظم والضوابط ما تمثله التعاليم التي تهدف إلى تنمية الروح الاجتماعية لدى الافراد، ابتداء بالتربية التي توفرها صلاة الجماعة والجمعة ومواسم الأعياد الاسلامية وموسم الحج وصلة الأرحام وعيادة المرضى والدعاء للمؤمنين سرا وعلانية وأداء التحية وردها وانتهاء بقوانين التكافل الاجتماعي التي لا تقف عند حدود الزكاة والصدقات بل تتعدى إلى الايثار والتضحية في سبيل المجتمع المؤمن.
وفوق ذلك تميز عمق النظام الأخلاقي في الاسلام بالتأكيد في تعاليم متعددة على أن صلاح أحد العنصرين - الفرد والمجتمع - ليس فقط مكملا لصلاح الآخر، بل قد يكون وقفا عليه تماما.
ومن هذه الأهمية التي يمثلها النظام الأخلاقي في الاسلام فقد جعل مركز الرسالة للبحوث المعنية في التعريف بهذا النظام حظها المناسب في سلسلة اصداراته الموسومة بسلسلة المعارف الاسلامية، وهو في اصداره هذا يقدم لقرائه واحدا من الاسهامات الموفقة في تجلية ركن من أركان النظام الأخلاقي، وهو الرفق.
ذلك الخلق الذي وصفه الحديث الشريف بأنه: لو كان خلقا يرى ما كان مما خلق الله شئ أحسن منه وإنه: لم يوضع على شئ إلا زانه، ولا نزع من شئ إلا شانه، لنستفئ في ظله ساعة، متنسمين عطر الآي العظيم وحديث النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ومقتبسين شذرات من سير الأسوة الحسنة، علها تكون لنا معالم هدى إلى الخلق الكريم.
والحمد لله أولا وآخرا مركز الرسالة