عن هذا الرأي كما هو مفصل في مظانه من أصول الفقه، لكن جمهور السنة بالغوا في تقديس كل من يسمونه صحابيا، حتى خرجوا عن الاعتدال.
فاحتجوا بالغث منهم والسمين، واقتدوا بكل مسلم سمع النبي أو رآه (صلى الله عليه وآله وسلم) اقتداءا أعمى، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو، وخرجوا في الإنكار على كل حد من الحدود. وما أشد إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة، مصرحين بجرمهم أو بكونهم مجهولي الحال، عملا بالواجب الشرعي لتمحيص الحقائق الدينية.
والأسمى من رأينا هذا هو سورة التوبة وسورة المنافقون، فهما يفصحان كل الفصاحة ويوضحان كل الوضوح ويبينان كل الإبانة عما ذهب إليه، وتقودنا من حيث شفقته على ما سماهم الصحابة مندفعا ومتحمسا من موروثاته.
فنحن لا ننتقص من الصحابة بقدر ما هو موجود من حقائق في الصحاح والقرآن، ومن الغريب جدا أن تتهم الشيعة بانتقاص الصحابة أو الطعن بهم، ونحن نعلم بأن بذرة التشيع قد نشأت في مجتمع الصحابة ومن هذا المجتمع أبطال التشيع، كأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد وخزيمة وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم من الصحابة الأجلاء، فهم الذين عرفوا بالولاء لعلي (عليه السلام) وناصروه في حربه من بغى عليه، وهم خيار الصحابة.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ولكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا " كما أن الصحبة تشمل من مردوا على النفاق، والذين ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لرسول الله الأمور، وأظهروا الغدر، حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون. وفيهم من كان يؤذي رسول الله وقد وصفهم بقوله:
(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون: هو أذن) (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) (1) و (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) وفيهم المخادعون والذين يظهرون الإيمان