يبلبل الحقائق ويقمعها بحكمة: " لا تبحث في التاريخ، مثلما بلبل لغة الإنسان في أسطورة بابل " (1) وليس ثمة شئ في ديننا إلا وله علاقة بالتاريخ، وما نملكه اليوم من عقائد وأحكام وثقافات إسلامية كلها جاءتنا عن طريق الرواية، فحري بنا أن يكون التاريخ عندنا هو أحد المصادر المهمة للبحث.
وبعضهم يرى فيقول: " لا داعي للبحث عن هذه القضايا القديمة في التاريخ لأنها باعثة على الفتنة ".
فأقول لتلك الفئة: هل البقاء على التمزق الباطني وإخفاء ما نزل الوحي من أجله أفضل من الرجوع إلى هذه القضايا القديمة.
يا إلهي ما أشد ذلك غرابة، فحقا هذا هو عين التخلف الفكري والجنوح عن ركب الحضارة.
وأزيد فأقول: من القرآن يجب أن تتعلم الأمة قيمة النظر في التاريخ، لأن للتاريخ سننه وقوانينه التي تجري على كل البشر.
وكما قال العلامة محمد تقي المدرسي:
إن فهم التاريخ ضرورة لفهم الشريعة (2) وكما قال تعالى: (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) (3).
فنجد أن القرآن أهم مصدر نمتلكه لتعريف الناس بماضي الأمم فمن الذي يعرفنا بتاريخ أمتنا نحن.
أليس هو القرآن والتاريخ المدونين من كل قمع أيديولوجي ومن كل استبداد سياسي؟!
فالتاريخ الذي دون بيد الأمناء هو في الحقيقة غذاء وضياء.