فإنه - مع شدة تعصبه على الشيعة حتى سمي كتابه بالصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة - يعني بهم الشيعة - له كلام في المقام قد أدى به حقه، وها نحن نذكره بعينه لترى كيف قد أجرى الله تعالى الحق على لسانه.
قال في صواعقه ص 90: تنبيه، سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن وعترته - وهي بالمثناة الفوقية الأهل والنسل والرهط الأدنون - ثقلي لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية، والأسرار والحكم العلية، والأحكام الشرعية ولذا حث (صلى الله عليه وآله وسلم) على الاقتداء والتمسك بهم، والتعلم منهم وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت (وقيل) سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق " ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم " وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة، وقد مر بعضها، وسيأتي الخبر الذي في قريش (وتعلموا منهم فإنهم أعلم منكم) فإذا ثبت هذا لعموم قريش فأهل البيت أولى منهم بذلك لأنهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش، وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض، ويشهد لذلك الخبر: " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي " (إلى آخره)، ثم أحق من يتمسك به منهم أمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمنا من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ومن ثم قال أبو بكر: علي عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أي الذين حث على التمسك بهم فخصه لما قلنا، وكذلك خصه (صلى الله عليه وآله وسلم) بما مر يوم غدير خم (1) (انتهى) موضع الحاجة من كلام ابن حجر، فراجعه.
.