وهذه الأخبار التي دلت على أن عليا (عليه السلام) وارث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يمكن الاستدلال بها على إمامة علي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتوضيح ذلك مما يحتاج إلى ذكر مقدمة مختصرة، وهي بيان معنى التعصيب والعول بنحو الاختصار فنقول: إن وارث الميت إذا كان منحصرا بمن له الفرض في الكتاب العزيز كالنصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك (فتارة) تزيد التركة على الفريضة فحينئذ تقول العامة بالتعصيب، أي رد الزائد على العصبة وهم أقارب الميت من أبيه وابنه دون أمه وبنته، فإذا كان الوارث منحصرا بالبنت فالنصف يعطى للبنت لأنه فرضها ويعطى النصف الآخر للعصبة (وأخرى) تنقص التركة عن الفريضة وحينئذ تقول العامة بالعول أي بورود النقص على الجميع فإذا خلف الميت بنتين وأبوين وزوجين فللبنتين ثلثان ولأبويه لكل واحد منهما السدس وللزوج الربع فتنقص التركة عن الفريضة بمقدار الربع فيوزع النقص على الكل، وكل من التعصيب والعول عند الإمامية باطل نصا وفتوى فعند زيادة التركة يرد الزائد على ذوي الفروض دون العصبة، ففي المثال الأول تعطى البنت جميع المال نصفه فرضا ونصفه ردا، وعند نقصان التركة عن الفريضة يرد النقص على البنتين خاصة دون الجميع للنص (إذا عرفت) هذا كله فاعلم أن عليا (عليه السلام) ليس هو ممن يرث المال من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجماع المسلمين العامة والخاصة جميعا، أما عند العامة فلأنهم وإن قالوا بالتعصيب ولكنهم يقدمون العم مطلقا ولو كان من الأب كالعباس بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ابن العم مطلقا ولو كان من الأبوين كعلي (عليه السلام) بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لم يخلف إلا بنتا واحدة نصف أمواله بمذهب العامة لفاطمة سلام الله عليها ونصفه الآخر لعمه العباس، وأما عند الخاصة فأنهم لا يقولون بالتعصيب فالمال كله لفاطمة سلام الله عليها فرضا وردا (وعليه) فعلي (عليه السلام) بإجماع المسلمين ممن لا نصيب له من أموال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إرثا فلا بد من حمل تلك الأخبار الواردة كلها في أن عليا (عليه السلام) وارث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على كونه وارثا لعلمه، كما في رواية ابن عباس: والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه إلخ، وفي رواية معاذ يا رسول الله ما أرث منك؟ قال: ما يرث النبيون بعضهم من بعض كتاب الله وسنة نبيه وفي حديث المؤاخاة قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي، قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم
(١٩٧)