فأقول هنا:
لو كان التمسك بالكتاب والسنة وحدهما يغني الأمة من الوقوع في الضلال، لما أوجب الله تعالى على المكلفين أن يسألوا المعصومين عما جهلوه من الكتاب والسنة، فقال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (1) فإن وجوب السؤال يستلزم وجوب الجواب، ووجوب الجواب يستلزم وجوب القبول، وهو يستلزم وجوب العمل على طبعه، ووجوب العلم به مطلقا موجب لعصمة المسؤول، وذلك لأنه لو لم يكن معصوما لجاز عليه أن يجيب بالخطأ، فيجب القبول والعمل بالخطأ، ولا شئ من الخطأ يجوز قبوله، والعمل به، ومن حيث إنه وجب قبوله والعمل به بحكم إطلاق عموم الآية، علمنا أنه معصوم، أرأيت سماحة الدكتور كيف أن التمسك بالكتاب والسنة وحدهما لا يغني الأمة عن الوقوع في الضلال إن لم يكن ثمة إمام معصوم يقوم ببيانهما ويرشدها إلى ما فيها من أحكام وكلام؟!
ثم أقول: لا يختلف اثنان من علماء الإسلام في أن السنة النبوية ليست إلا قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو فعله، أو تقريره وهي ما تضمنته أحاديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) المروية عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ثبت لدى الجمهور من أهل السنة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى نهيا مطلقا، ومنع منعا باتا من أن يكتب عنه غير القرآن فهذا الإمام مسلم يحدثنا في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي، قال همام: أحسبه قال: متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " انظر صحيح مسلم فإذا كانت السنة لم تكتب في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهى عن كتابة غير القرآن بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمرهم بمحو ما يكتب عنه فليس من الممكن المعقول أن يترك في أمته (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يوم القيامة شيئا لا وجود له، ويأمرهم بالتمسك به ويخاطبهم بكلمة " فيكم " وهو لا وجود له وهذا بخلاف القرآن والعترة النبوية (2)، فإنهما موجودان " ولن يفترقا حتى يردا عليه الحوض " كما جاء التنصيص عليه في حديث الثقلين المار ذكره فحديث " سنتي " مكذوب به عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومشمول