المحدثين في كتب الاصطلاح، الصحابة كلهم عدول (1)، معناه أن كلا منهم سالم بن الكبيرة وهذا بعيد من الصواب لأن منهم من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " ثم قاتل مع معاوية فكان قاتل عمار بن ياسر، ثم كان يتبجح بذلك ويقول لما يأتي إلى أبواب بني أمية: " قاتل عمار باالباب "، فهل يحكم لهذا بأنه عدل بمعنى أنه سالم من الكبائر، إنما معنى قول أولئك المحدثين أنهم لا يتهمون بالكذب على الرسول فيما يروونه من الأحاديث عنه، أليس هذا من أفسق الفسق فقد خالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي سمعه منه فقتل عمارا، وهذا الغادر أبو الغادية الجهني (2). ثم كيف تقول بعدالة الجميع: فإليك ما أخرجه البخاري من صحيحه بالإسناد إلى أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم قال: هلم. قلت: أين؟
قال: إلى النار والله، قلت وما شأنهم قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال:
هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) (3).
* وأخرج البخاري عن العلاء بن المسيب عن أبيه، قال: لقيت البراء ابن عازب فقلت له: طوبى لك صحبت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبايعته تحت الشجرة.
فقال: يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده (4).
* وأخرج البخاري عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أنا فرطكم على الحوض ويرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (5) هذا ما استدلينا به من أهم