أ - الأئمة الشرعيون: فكل إمام من الأئمة الشرعين الاثني عشر أعلن عنه وعين إماما " بنص ممن سبقه. فرسول الله، وهو نقطة البداية والارتكاز، قد اختاره الله رسولا " ونبيا "، وإماما " ووليا " وقائدا " للدعوة والدولة، وقبل أن ينتقل إلى جوار ربه أعلن بأمر من الله تعالى أن الإمام والولي والقائد من بعده هو علي بن أبي طالب يليه بالتوالي والتتابع أحد عشر إماما " من ذرية النبي ومن صلب علي. وسماهم الرسول بأسمائهم. وعلى الرغم من أنه قد حيل بين الأئمة الشرعين وبين حقهم في ولاية الأمة وقيادتها وإمامتها إلا أن إمامتهم لم تنقطع طوال التاريخ، فكان كل إمام يعلن عنه ويعين بنص ممن سبقه.
ب - خلفاء الدولة التاريخية: كذلك خلفاء الدولة التاريخية، فكان الخليفة القائم بالخلافة هو الذي يعلن عن الخليفة الذي يليه ويعينه عمليا " حتى تصور بعض علماء الدولة التاريخية أن هذا الإجراء حق مطلق للخليفة: (ينظر للناس حال حياته، وتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته ويقيم لهم من يتولى أمورهم) (1). وقد شهد تاريخ دولة الخلافة التاريخية الإسلامية عدة دورات، وفي كل الدورات سادت هذه القاعدة: (كل خليفة يعين بنص ممن سبقه).
1 - ففي الدورة التاريخية الأولى، كان الخليفة أبو بكر هو نقطة البداية والارتكاز للخلفاء، ولما دنت منيته أعلن بأن الخليفة من بعده هو عمر بن الخطاب، ولما طعن عمر أعلن، عمليا "، أن الخليفة من بعده هو عثمان بن عفان، والشورى لم تكن سوى إخراج شكلي لأمر مقرر سلفا ".
2 - ومن الدورة الثانية، التي بدأت عندما استولى معاوية على منصب الخلافة بالقوة والغلبة والقهر سادت هذه القاعدة أيضا "، فلما شعر معاوية بأن نهايته تقترب; أعلن أن الخليفة من بعده هو يزيد ابنه، ولما أوشك يزيد أن يهلك عين ابنه معاوية الثاني خليفة من بعده. ثم غلب مروان بن الحكم الأموي، وقبل أن يموت مروان استخلف ابنه عبد الملك، وطوال العهد الأموي وكل خليفة يعين بنص ممن سبقه.