وقد عمل بالتقية الصحابة الكرام في عهد الحكام الظالمين أمثال معاوية الذي كان يقتل كل من امتنع عن لعن علي بن أبي طالب، وقصة حجر بن عدي الكندي وأصحابه مشهورة وأمثال يزيد وابن زياد والحجاج و عبد الملك بن مروان وأضرابهم ولو شئت جمع الشواهد على عمل الصحابة بالتقية لاستوجب كتابا كاملا، ولكن ما أوردته من أدلة أهل السنة والجماعة كاف بحمد الله.
ولا أترك هذه الفرصة تفوت لأروي قصة طريفة وقعت لي شخصيا مع عالم من علماء أهل السنة التقينا في الطائرة وكنا من المدعوين لحضور مؤتمر إسلامي في بريطانيا وتحادثنا خلال ساعتين عن الشيعة والسنة وكان من دعاة الوحدة وأعجبت به غير أنه ساءني قوله بأن على الشيعة الآن أن تترك بعض المعتقدات التي تسبب اختلاف المسلمين والطعن على بعضهم البعض، وسألته مثل ماذا؟ وأجاب على الفور: مثل المتعة والتقية، وحاولت جهدي إقناعه بأن المتعة هي زواج مشروع والتقية رخصة من الله، ولكنه أصر على رأيه ولم يقنعه قولي ولا أدلتي مدعيا أن ما أوردته كله صحيح ولكن يجب تركه من أجل مصلحة أهم ألا وهي وحدة المسلمين.
واستغربت منه هذا المنطق الذي يأمر بترك أحكام الله من أجل وحدة المسلمين وقلت له مجاملة: لو توقفت وحدة المسلمين على هذا الأمر لكنت أول من أجاب.
ونزلنا في مطار لندن وكنت أمشي خلفه ولما تقدمنا إلى شرطة المطار سئل عن سبب قدومه إلى بريطانيا فأجابهم بأنه جاء للمعالجة، وادعيت أنا بأني جئت لزيارة بعض أصدقائي، ومررنا بسلام وبدون تعطيل إلى قاعة استلام الحقائب، عند ذلك همست له: أرأيت كيف أن التقية صالحة في كل زمان؟ قال: كيف؟
قلت لأننا كذبنا على الشرطة، أنا بقولي جئت لزيارة أصدقائي، وأنت بقولك جئت للعلاج، في حين أننا قدمنا للمؤتمر.
ابتسم وعرف بأنه كذب على مسمع مني فقال: أليس في المؤتمرات الإسلامية علاج لنفوسنا؟ ضحكت قائلا: أوليس فيها زيارة لإخواننا؟