وقسما آخر في الجحيم - ثم هو رحمن رحيم بعباده لا يظلم مثقال ذرة (1) (وما ربك بظلام للعبيد) (2) - (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) (3)، ثم هو أحن عليهم من المرأة على ولدها كما جاء ذلك في الحديث الشريف (4).
وكثيرا ما يتراءى هذا التناقض في فهمي لآيات القرآن الكريم فمرة أفهم بأن الإنسان على نفسه بصيرة وهو المسؤول الوحيد عن أعماله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (5).
ومرة أفهم بأنه مسير وليس له حول ولا قوة، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا رزقا، (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) (6) (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) (7).
نعم لست وحدي بل أغلب المسلمين يعيش هذه التناقضات الفكرية ولذلك تجد أغلب الشيوخ والعلماء إذا ما سألتهم عن موضوع القضاء والقدر لا يجدون جوابا يقنعون به أنفسهم قبل إقناع غيرهم، فيقولون: هذا موضوع لا يجب الخوض فيه، وبعضهم يحرم الخوض فيه ويقول: يجب على المسلم أن يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره وأنه من عند الله.
وإذا ما سألهم معاند: كيف يجبر الله عبده على ارتكاب جريمة ثم يزج به في نار جهنم؟ اتهموه بالكفر والزندقة والخروج عن الدين إلى غير ذلك من التهم